فصل: قال ابن قتيبة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إني أراكم بخير} قال: رخص السعر: {وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط} قال: غلاء السعر.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {بقية الله} قال: رزق الله.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {بقية الله خير لكم} يقول: حظكم من ربكم خير لكم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {بقية الله} يقول: طاعة الله.
وأخرج أبو الشيخ عن الربيع رضي الله عنه في قوله: {بقية الله} قال: وصية الله: {خير لكم}.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {بقية الله} قال: رزق الله خير لكم من بخسكم الناس.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الأعمش رضي الله عنه في قوله: {أصلواتك تأمرك} قال: أقراءتك.
وأخرج ابن عساكر عن الأحنف رضي الله عنه. أن شعيبًا كان أكثر الأنبياء صلاة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {يا شعيب أصلواتك تأمرك...} الآية. قال: نهاهم عن قطع هذه الدنانير والدراهم فقالوا: إنما هي أموالنا نفعل فيها ما نشاء، إن شئنا قطعناها وإن شئنا أحرقناها، وإن شئنا طرحناها.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: عذب قوم شعيب في قطعهم الدراهم، وهو قوله: {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم رضي الله عنه: {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} قال: قرض الدراهم، وهو من الفساد في الأرض.
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن المنذر وأبو الشيخ وعبد بن حميد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: قطع الدراهم والدنانير المثاقيل التي قد جازت بين الناس، وعرفوها من الفساد في الأرض.
وأخرج أبو الشيخ عن ربيعة بن أبي هلال. أن ابن الزبير عاقب في قرض الدرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما: {إنك لأنت الحليم الرشيد} قال: يقولون: إنك لست بحليم ولا رشيد.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه: {إنك لأنت الحليم الرشيد} استهزاء به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {ورزقني منه رزقًا حسنًا} قال: الحلال.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} يقول: لم أك لأنهاكم عن أمر واركبه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مسروق رضي الله عنه. أن امرأة جاءت إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقالت: اتنهى عن المواصلة؟ قال: نعم. قالت: فلعله في بعض نسائك فقال: ما حفظت إذًا وصية العبد الصالح: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه}.
وأخرج أحمد عن معاوية القشيري. أن أخاه مالكًا قال: يا معاوية إن محمدًا أخذ جيراني فانطلق إليه، فانطلقت معه إليه فقال: دع لي جيراني فقد كانوا أسلموا، فأعرض عنه فقال: ألا والله إن الناس يزعمون أنك تأمر بالأمر وتخالف إلى غيره. فقال: أو قد فعلوها؟ لئن فعلت ذلك لكان علي وما كان عليهم.
وأخرج أبو الشيخ عن مالك بن دينار رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} قال: بلغني أنه يدعى يوم القيامة بالمذكر الصادق، فيوضع على رأسه تاج الملك، ثم يؤمر به إلى الجنة فيقول: إلهي إن في مقام القيامة أقوامًا قد كانوا يعينوني في الدنيا على ما كنت عليه. قال: فيفعل بهم مثل ما فعل به، ثم ينطلق يقودهم إلى الجنة لكرامته على الله.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي إسحق الفزاري رضي الله عنه قال: ما أردت أمرًا قط فتلوت عنده هذه الآية إلا عزم لي على الرشد: {إن أريد إلا الإِصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وإليه أنيب} قال: إليه أرجع.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي قال: قلت: يا رسول الله أوصني قال: «قل ربي الله ثم استقم». قلت: ربي والله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. قال: «ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شربًا ونهلته نهلًا». في إسناده محمد بن يونس الكديمي. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال السمين:

{قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا}
وتقدم الخلاف في قوله: {أصلاتك} بالنسبة إلى الإِفراد والجمع في سورة براءة.
قوله: {أَوْ أَن نَّفْعَلَ} العامة على نون الجماعة أو التعظيم في {نفعل} و{نشاء}. وقرأ زيد بن علي وابن أبي عبلة والضحاك بن قيس بتاء الخطاب فيهما. وقرأ أبو عبد الرحمن وطلحة الأول بالنون والثاني بالتاء، فَمَنْ قرأ بالنون فيهما عَطفه على مفعول {نترك} وهو {ما} الموصولةُ، والتقدير: أصلواتُك تأمركَ أن نَتْرُكَ ما يعبدُ آباؤنا، أو أن نترك أن نفعلَ في أموالِنا ما نشاء، وهو بَخْسُ الكَيْل والوَزْنِ المقدَّم ذكرُهما. و{أو} للتنويع أو بمعنى الواو، قولان، ولا يجوز عَطْفُه على مفعول {تأمرك}؛ لأن المعنى يتغير، إذ يصير التقدير: أصلواتُك تأمُرك أن نفعلَ في أموالنا.
ومَنْ قرأ بالتاء فيهما جاز أن يكونَ معطوفًا على مفعول {تأمرك}، وأن يكونَ معطوفًا على مفعول {نترك}، والتقدير: أصلواتك تأمرك أن تفعل أنت في أموالنا ما تشاء أنت، أو أن نترك ما يعبد آباؤنا، أو أن نترك أن تفعل أنت في أموالنا ما تشاء أنت.
ومَنْ قرأ بالنون في الأول وبالتاء في الثاني كان {أن نفعل} معطوفًا على مفعول {تأمرك}، فقد صار ذلك ثلاثةَ أقسام، قسمٍ يتعينَّ فيه العطفُ على مفعول {نترك} وهي قراءةُ النونِ فيهما، وقسمٍ يتعيَّن فيه العطفُ على مفعول {تأمرك}، وهي قراءةُ النون في {نفعل} والتاء في {تشاء}، وقسمٍ يجوز فيه الأمران وهي قراءةُ التاء فيهما. والظاهرُ من حيث المعنى في قراءة التاء فيهما أو في {تشاء} أن المراد بقولهم ذلك هو إيفاءُ المكيال والميزان؛ لأنه كان يأمرهم بهما. وقال الزمخشري: المعنى: تأمرك بتكليف أن نترك، فحذف المضاف لأنَّ الإِنسان لا يُؤْمَرُ بفعل غيره.
{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا}
قوله تعالى: {أَرَأَيْتُمْ}: قد تقدَّم ذلك غيرَ مرة. وقال الزمخشري هنا: فإنْ قلت: أين جوابُ {أرأيتم} وما له لم يَثْبت كما ثبت في قصة نوح وصالح؟ قلت: جوابُه محذوفٌ، وإنما لم يَثْبُتْ لأن إثباتَه في القصتين دلَّ على مكانه، ومعنى الكلام ينادي عليه، والمعنى: أخبروني إن كنت على حجة واضحةٍ ويقين مِنْ ربي وكنت نبيًا على الحقيقة، أيصحُّ أنْ لا آمرَكم بترك عبادة الأوثان والكفِّ عن المعاصي، والأنبياءُ لا يُبْعَثون إلا لذلك؟.
قال الشيخ: وتَسْمِيَةُ هذا جوابًا ل {أرأيتم} ليس بالمصطلح، بل هذه الجملةُ التي قَدَّرها في موضع المفعول الثاني ل {أرأيتم} لأن أرأيتم إذا ضُمِّنَتْ معنى أخبرني تعدَّتْ إلى مفعولين، والغالبُ في الثاني أن يكون جملةُ استفهاميةً ينعقد منها ومن المفعول الأول في الأصل جملةٌ ابتدائية كقول العرب: أرأيتك زيدًا ما صنع وقال الحوفي: وجوابُ الشرط محذوفُ لدلالة الكلام عليه تقديره: أأَعْدِل عَمَّا أنا عليه. وقال ابن عطية: وجوابُ الشرط الذي في قوله: أن كنت محذوفٌ تقديره: أضِلُّ كما ضَلَلْتُمْ أو أترك تَبْليغ الرسالة، ونحو هذا ممَّا يليق بهذه المحاجَّة. قال الشيخ: وليس قوله أضلّ جوابًا للشرط؛ لأنه إن كان مثبتًا فلا يمكن أن يكونَ جوابًا لأنه لا يترتَّب على الشرط، وإن كان استفهامًا حُذف منه الهمزةُ فهو في موضع المفعول الثاني ل {أرأيتم}، وجوابُ الشرط محذوفٌ يدل عليه الجملةُ السابقة مع متعلَّقها.
قوله: {أَنْ أُخَالِفَكُمْ} قال الزمخشري: خالفني فلان إلى كذا: إذا قصده وأنت مُوَلٍّ عنه، وخالفني عنه: إذا ولى عنه وأنت قاصدُه، ويلقاك الرجل صادرًا عن الماء فتسأله عن صاحبه فيقول: خالَفَني إلى الماء، يريد أنه ذاهب إليه واردًا، وأنا ذاهبٌ عنه صادرًا، ومنه قولُه تعالى: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} يعني أن أسْبِقَكم إلى شهواتكم التي نَهَيْتُكم عنها لأستبدَّ بها دونكم. وهذا الذي ذكره أبو القاسم معنى حسنٌ لطيف ولم يتعرَّض لإِعرابِ مفرداته، لأنَّ بفهم المعنى يُفهم الإِعراب ولنذكر ما فيه: فأقول: يجوز أن يكونَ {أن أخالفَكم} في موضع مفعولٍ ب {أريد}، أي: وما أريدُ مخالفتَكم، ويكون فاعَلَ بمعنى فَعَل نحو: جاوَزْتُ الشيءَ وجُزْته، أي: وما أريد أن أخالفكم، أي: أكونَ خَلَفًا منكم. وقولُه: {إلى مَا أَنْهَاكُمْ} يتعلَّق ب {أخالفكم}، ويجوز أن يتعلَّق بمحذوف على أنه حال، أي: مائلًا إلى ما أنهاكم عنه، ولذلك قدَّر بعضُهم محذوفًا يتعلَّق به هذا الجارُّ تقديرُه: وأميل إلى أن أخالفكم، ويجوز أن يكونَ {أن أخالفكم} مفعولًا من أجله، وتتعلق {إلى} بقوله: {أريد} بمعنى: وما أقصد لأجل مخالفتكم إلى ما أنهاكم عنه، ولذلك قال الزجاج: وما أقصد بخلافكم إلى ارتكاب ما أنهاكم عنه. ويجوز أن يُراد بأن أخالفكم معناه من المخالفة، وتكون في موضع المفعول به بأريد، ويقدَّر مائلًا إلى.
قوله: {مَا استطعت} يجوز في ما هذه وجوه، أحدها: أن تكونَ مصدريةً ظرفيةً أي: مدة استطاعتي.
الثاني: أن تكون ما موصولة بمعنى الذي بدلًا من الإِصلاح والتقدير: إنْ أريد إلا المقدارَ الذي أستطيعه من الصلاح.
الثالث: أن يكونَ على حَذْف مضاف، أي: إلا الإِصلاحَ إصلاحَ ما استطعت، وهو أيضًا بدل.
الرابع: أنها مفعول بها بالمصدرِ المُعَرَّف، أي: إنْ أريد إلا أن أُصْلح ما استطعت إصلاحَه كقوله:
ضعيفُ النِّكايةِ أعداءَه ** يخالُ الفِرارُ يُراخي الأجَلْ

ذَكَرَ هذه الأوجهَ الثلاثةَ الزمخشري، إلا أن إعمال المصدر المعرَّف قليلٌ عند البصريين، ممنوعٌ إعمالُه في المفعول به عند الكوفيين. وتقدم الجارَّان في عليه وإليه للاختصاص أي: عليه لا على غيره، وإليه لا إلى غيره. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

باب المقلوب:
ومن المقلوب: أن يوصف الشيء بضدّ صفته للتطيّر والتفاؤل، كقولهم للّديغ: سليم، تطيّرا من السّقم، وتفاؤلا بالسّلامة. وللعطشان: ناهل أي سينهل. يعنون: يروى. وللفلاة: مفازة. أي منجاة، وهي مهلكة.
وللمبالغة في الوصف، كقولهم للشمس: جونة، لشدّة ضوئها. وللغراب: أعور، لحدّة بصره.
وللاستهزاء، كقولهم للحبشيّ: أبو البيضاء. وللأبيض: أبو الجون.
ومن هذا قول قوم شعيب: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87].
كما تقول للرجل تستجهله: يا عاقل، وتستخفه: يا حليم.
قال الشاعر:
فقلت لسيّدنا يا حلي ** م إنّك لم تأس أسوا رفيقا

قال قتادة: ومن الاستهزاء قول اللّه تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ (12) لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (13)} [الأنبياء: 12، 13].
وفي قول عبيد بن الأبرص لكندة- طرف من هذا المعنى:
هلا سألت جموع كن ** دة يوم ولّوا أين أينا؟

يستهزئ بهم حين انهزموا، يريد أين تذهبون؟ ارجعوا.
وأما قول اللّه سبحانه: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49].
فبعض الناس يذهب به هذا المذهب، أي أنت الذليل المهان.
وبعضهم يريد: أنت العزيز الكريم عند نفسك. وهو معنى تفسير ابن عباس لأن أبا جهل قال: ما بين جبليها أعزّ مني ولا أكرم، فقيل له: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49].
ومن ذلك أن يسمّى المتضادّان باسم واحد، والأصل واحد.
فيقال للصبح: صريم، ولليل: صريم. قال اللّه سبحانه: {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} [القلم: 20]، أي سوداء كالليل، لأنّ الليل ينصرم عن النّهار، والنهار ينصرم عن الليل.
وللظّلمة: سدفة. وللضوء: سدفة. وأصل السّدفة: السّترة، فكأن الظلام إذا أقبل ستر للضّوء، والضوء إذا أقبل ستر للظلام.
وللمستغيث: صارخ. وللمغيث: صارخ، لأن المستغيث يصرخ في استغاثته، والمغيث يصرخ في إجابته.
ولليقين: ظنّ، لأنّ في الظن طرفا من اليقين. قال اللّه عز وجل: {قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ} [البقرة: 249]، أي يستيقنون. وكذلك: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ} [الحاقة: 20]، {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها} [الكهف: 53]، و{إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 230]، هذا كلّه في معنى (اليقين).
قال دريد بن الصّمة:
فقلت لهم ظنّوا بألفي مدجّح ** سراتهم في الفارسيّ المسرّد

أي تيقنوا بإتيانهم إيّاكم.
وكذلك جعلوا (عسى) شكّا ويقينا، (و لعلّ) شكّا ويقينا. كقوله: {فِجاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [الأنبياء: 31]، أي ليهتدوا.
وللمشتري: شار، وللبائع: شار، لأنّ كلّ واحد منهما اشترى.
وكذلك قولهم لكل واحد منهما: (بائع) لأنه باع وأخذ عوضا مما دفع، فهو (شار) و(بائع).
قال اللّه عز وجل: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ} [يوسف: 20]، أي باعوه. وقال: {وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: 102].
وقال ابن مفرّغ:
وشريت بردا ليتني من ** بعد برد كنت هامه

{وبرد}: غلام كان له فباعه وندم على بيعه.
و{وراء} تكون بمعنى {خلف} وبمعنى {قدّام}.
ومنها المواراة والتّواري. فكلّ ما غاب عن عينك فهو وراء، كان قدّامك أو خلفك.
قال اللّه عز وجل: {وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79]، أي أمامهم.
وقال: {مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ} [الجاثية: 10]، أي أمامهم.
وقال: {وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم: 17].
وقالوا للكبير: جلل، وللصغير: جلل، لأنّ الصغير قد يكون كبيرا عند ما هو أصغر منه، والكبير يكون صغيرا عند ما هو أكبر منه، فكلّ واحد منهما صغير كبير.
ولهذا جعلت بعض بمعنى كلّ، لأنّ الشيء يكون كلّه بعضا لشيء، فهو بعض وكلّ.
وقال عز وجل: {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} [الزخرف: 63] وكلّ بمعنى بعض، كقوله: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23]، {ويَأْتِيها رِزْقُها رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكانٍ} [النحل: 112]، وقال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها} [الأحقاف: 25].
وجعلت فوق بمعنى دون في قول اللّه عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها} [البقرة: 26]، أي فما دونها، لأن فوق قد تكون دون عند ما هو فوقها، ودون قد تكون فوق عند ما هو دونها.